إن معالجة القضية الجنوبية
بشكل علمي دقيق يتطلب الإلمام بكل تفاصيلها وأسبابها وأبعادها وتجلياتها
حاضراً ومستقبلاً , ولن نستطيع أن نصل إلى حلاً لها دون القراءة المستفيضة
لكافة المشاكل والمظالم الوطنية على صعيد اليمن بشكل عام نظراً لأن قضايا
الوطن مترابطة ومتشابهة مع بعضها البعض ، إذ لايمكن الحديث عن قضايا الجنوب
بمعزل عن قضايا الشمال .
لذلك سنركز حديثنا في هذة الورقة على بحث جذور القضية الجنوبية من مختلف جوانبها وأبعادها وماشهدته من تحولات وتطورات وأحداث منذ قيام الثورة وحتى اليوم في إطار علاقتها التأريخية والمصيرية لقضايا الوطن ككل لنصل إلى إستخلاصات عامة لما ينبغي أن نستفيد منه ونتعض من دروس وعبر المسار التأريخي لهذة القضية.
التعريف :
إن القضية الجنوبية هي قضية حقوق سياسية ومدنية أنتهكت وسلبت من أصحابها عبر التاريخ من قبل أطراف الصراع على السلطة ، وبعد حرب 94م برزت هذه القضية كشعار للمطالبة بإسترداد الحقوق السياسية والمدنية التي سلبت في هذه الحرب ، حيث تجلت نتائجها في إنهاء شراكة الحزب الإشتراكي اليمني في السلطة وتشريد وتسريح وإقصاء وفصل الآلآف من الجنوبيين مدنيين وعسكريين ، ولذا من الطبيعي أن تبرز القضية الجنوبية وتحتل المرتبة الأولى في جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل كونها قضية وطنية عادلة .
جذور وأبعاد القضية الجنوبية في مرحلة ماقبل الوحدة:
لقد شيد الشعب اليمني حضارة مزدهرة وأبدع ثقافة رائعة وساهم في إغناء التراث الحضاري والثقافي العربي والإسلامي والإنساني وسجل على صفحات التاريخ القديم والحديث سطوراً مشرفة من البطولات والفداء والتضحيات الكبيرة في سبيل نصرة الإسلام وتثبيت دعائمه وفي مقاومة الغزوات الأجنبية والظلم الإجتماعي وقد نمت لديه تقاليد نضالية أصيلة عكست إعتزازه الدائم بسيادته وإستقلاله ووحدتة ووحدة ترابة الوطني ورفضة المستمر لكل أشكال القهر والإستبداد والإستغلال الإجتماعي.
إن صفحات التاريخ زاخرة بآيات النضال البطولي للشعب اليمني ضد الغزوات والوجود الإستعماري الأجنبي (( وضد إستغلال الحكام الطغاة الذين تسلطوا على مقدراته )) في مختلف المراحل التاريخية حتى تمكن من إنتزاع إستقلال الشطر الشمالي من الوطن من الإحتلال العثماني عام 1918م .
وناضل ببسالة ضد الأئمة الذين أفسدوا حياته السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية بطغيانهم وجبروتهم الإستبدادي المتخلف .
وجاءت ثورة 26 سبتمبر – 1962م الوطنية التحريرية وبإنتصارها على الحكم الأمامي في الشطر الشمالي من اليمن وإقامة النظام الجمهوري فتحت آفاقاً رحبة أمام شعبنا ومعلنة أهدافها الستة التي أظهرت طابعها التحريري الوطني وهي التحرر من الإستبداد والإستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والإمتيازات بين الطبقات وبناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها ورفع مستوى معيشة الشعب إقتصادياً وسياسياً وإجتماعياً وثقافياً وإنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل يستمد أنظمته من روح الدين الإسلامي الحنيف والعمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة وإحترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الإنحياز والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم.
لقد كان إسقاط النظام الأمامي الإقطاعي الكهنوتي نصراً كبيراً ومحصلة لنضالات شعبنا الطويلة ومثل ذلك إنعطافاً تقدمياً هاماً في مسار الثورة اليمنية ذلك لأنها لم تخلص الشعب من طغيان الإمامة وإقامة حكم جمهوري وطني فحسب ، وإنما خلقت ظروفاً مساعدة لإندلاع ثورة 14 أكتوبر – 1963م في جنوب الوطن .
لقد بدأ شعبنا اليمني بقيادة قواه الوطنية والديمقراطية والتقدمية بعد القضاء على حكم الإمامة في شمال الوطن ، بدأ بالتصدي والمواجهة لقوى الثورة المضادة المدعومة من قبل حلف الإمبريالية والرجعية العربية والصهيونية التي زجت بإمكانياتها لتفجير حرب إجرامية ضد الثورة بهدف إعاقة مسيرتها في إنجاز الأهداف والمهام الوطنية والديمقراطية .
ولاشك في أن تصاعد الهجمة الإمبريالية الرجعية على اليمن وثورته المظفرة وإختلال ميزان القوى عربياً ودولياً لصالح الثورة المضادة وقيام الإستخبارات المصرية بدور سلبي وإنسحاب القوات المصرية من اليمن على إثر هزيمة يونيو1967م وإستفحال التناقضات السياسية والفكرية والإجتماعية في صفوف قوى الثورة والجمهورية لاشك أن ذلك قد هيأ الفرصة لقوى الثورة المضادة لتشدد من هجماتها لأضعاف النظام الجمهوري وصلت ذروتها إلى حصار صنعاء في أواخر عام 1967م وأوائل عام 1968م بهدف إسقاط الجمهورية الفتية وبفضل نضال جماهير شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية والشخصيات الإجتماعية في الجنوب والشمال قد حال دون نجاح المخطط التآمري وفك الحصار على صنعاء .
وقد رافق النضال الوطني لشعبنا من أجل الدفاع عن النظام الوطني الجمهوري وفك الحصار عن صنعاء مع النضال من أجل تحرير الشطر الجنوبي من الوطن من سيادة الإستعمار البريطاني الذي تم طرده وتحقيق الإستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م وهو دليل على الترابط العضوي بين الثورتين اليمنيتين في الشطرين وبرهاناً على وحدة الإنسان والتراب اليمني ووحدة المصالح الوطنية والإجتماعية للشعب اليمني بآسرة وإلتحام نضاله الأصيل من أجل التحرر والتقدم الإجتماعي .
إن الضعف الذاتي والمتأصل في الحركة الوطنية الديمقراطية اليمنية وحالة الإسترخاء التي عاشتها بعد صد وإفشال حصار صنعاء وتحقيق الإستقلال في الشطر الجنوبي قد أعطى الفرصة لقوى الثورة المضادة في أن تمزق صفوف المعسكر الجمهوري وأن يؤدي هذا التمزق إلى إنفراد جزء من الجمهوريين بالسلطة في 5/ نوفمبر / 1967م وتحالفهم فيما بعد مع الملكيين وإشراكهم في السلطة وخروج الجزء الآخر عن الجمهوريين إلى المعارضة السياسية وهذا كان أحد النتائج السلبية المؤثرة إلى إتفاقية الطائف عام 1970م المعقودة مع المملكة العربية السعودية لتشكل بداية التنفيذ الفعلي لسياسة التفريط بالسيادة والإستقلال للوطنيين.
وفي جنوب الوطن دخلت قوى الثورة في صراع مع نفسها أقضى إلى الإنفراد بالسلطة من قبل الجبهة القومية بزعامة الرئيس قحطان الشعبي وإقصاء وتسريح قيادات وأعضاء جبهة التحرير والعديد من الضباط في الجيش .
لقد شكل عام 67م نكسة مؤقتة للثورة اليمنية وحالت عوامل محلية ودولية دون تحقيق أهدافها ، كما شكل نقطة البداية لنشأت القضية الجنوبية من نوع أخر كقضية شطرية ، ففي 22 من يونيو 69م تمت الإطاحة بالرئيس قحطان الشعبي وإقصاء وتشريد رفاقة من قبل يسار الجبهة القومية بقيادة عبدالفتاح إسماعيل وسالم ربيع علي وعلي ناصر محمد وأخرون وتم الإعلان عن قيام دولة شطرية في الجنوب ذات توجه إشتراكي وهو ما أدخل الشطر الجنوبي من الوطن في مرحلة جديدة ومعقدة من الصراع السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي , تجلى هذا الصراع بين التنظيم السياسي (الجبهة القومية) وفيما بعد التنظيم السياسي الموحد والحزب الإشتراكي اليمني من جهة , وبين القوى التقليدية الإقطاعية والبرجوازية والمشيخية من جهة أخرى نتيجة لقيام الدولة بتطبيق السياسة الإشتراكية في واقع اليمن الديمقراطية وفي كافة المجالات , حيث تم إلغاء القوانين والتشريعات السائدة وإصدار قوانين وتشريعات إشتراكية جديدة قضت بتأميم ومصادرة الملكيات الخاصة في كافة القطاعات الرأسمالية والتجارية والزراعية والإسكانية .. وغير ذلك .
وفي ضوء هذا التحول الإشتراكي نشأت ثقافة جديدة وفئات إجتماعية جديدة هي فئة العمال والفلاحين التعاونيين والصيادين ونشأت نماذج إقتصادية جديدة هي القطاع العام والتعاوني .
كما تم تطبيق نظام الحزب الواحد في الحكم تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت الحزب , ولأسباب مختلفة نشأت عملية الصراعات الداخلية للحزب الإشتراكي منذو نشأته الأولى ممثلة بالتنظيم السياسي الجبهة القومية , وذلك إمتداداً للصراع الإجتماعي في المجتمع , وقد تجسد الصراع داخل الحزب بين الأطراف المختلفة في بعض المراحل بأشكال مسلحة ودموية بدءً بأحداث الرئيس سالم ربيع علي , مروراً بنفي عبدالفتاح إسماعيل خارج الوطن وتصفية وإقصاء زملائه وإنتهاءً بأحداث 13/ يناير/1986م , وتلك الأحداث المأساوية خلفت وراءها الآف القتلى والجرحى والمشردين والمعاقين ونزح الآلآف بسببها الى الشمال ودول الجوار , وبالمقابل تم إلحاق شمال الوطن بالتبعية لدول الجوار والغرب الذي شهد هو الأخر صراعات سياسية مسلحة أهمها الصراع بين الجبهة الوطنية الديمقراطية وبين السلطة والجبهة الإسلامية من جهة وبين مراكز القوى القبلية والعسكرية في السلطة من جهةً أخرى تجسدت في إغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي في 11 أكتوبر 77م , وتسببت تلك الصراعات أيضاً بدمار وخراب وقتل وتشريد وإعتقالات وتعذيب مازالت أثارها حتى اليوم , ومازال الآلآف من الأسر مشردين في المحافظات الجنوبية والخارج بسببها حتى اليوم , وكل هذه الصراعات وإمتداداتها لاحقاً كانت على السلطة في ظل غياب ثقافة الديمقراطية والحوار والتبادل السلمي للسلطة .
كما شهد الشمال حادثت إغتيال الرئيس الغشمي من قبل بعض الأطراف في الجنوب .
وشهد اليمن خلال مرحلة التشطير حربين هما حرب 1972م , وحرب 1979م, وقد تم تفجير هذة الحربين تحت شعارات مختلفة فحرب 72م قد تمت تحت شعار تصفية الشيوعية وإلحاق الجنوب بالشمال وإقامة الدولة الإسلامية , وحرب 79م تمت تحت شعار إعادة تحقيق الوحدة
اليمنية على طريق الوحدة العربية الشاملة , وقد فشلت أساليب إستخدام القوة العسكرية في تحقيق الوحدة اليمنية , وأنتصرت الوسائل الحوارية السلمية في إعادة توحيد الوطن في 22 مايو1990م .
جذور وأبعاد القضية الجنوبية في مرحلة مابعد الوحدة :
بالرغم من الصراعات بين الشطرين في مرحلة التشطير إلا أن نضال القوى الوطنية الشريفة في الشمال والجنوب من أجل الوحدة اليمنية لم يتوقف حتى تهيأت ظروف وساعدت عوامل داخلية وخارجية في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة وأسهمت في هذا الإنجاز الوطني التأريخي الكبير كل القوى الوطنية ومنها الجبهة الوطنية التي إستبعدت من التسويات والشراكة في سلطة دولة الوحدة من قبل حليفها آنذاك الحزب الإشتراكي اليمني .
حيث صدرت بعد الوحدة قوانين وتشريعات جديدة وحدوية وتم إلغاء العمل بالقوانين والتشريعات الشطرية كما تم بيع وتخصيص مؤسسات القطاع العام والتعاوني وإعادة الأراضي الزراعية للمالكين والمساكن المؤممة لأصحابها وطرد المزارعين التعاونيين وتم إلغاء الدعم التي كانت تقدمه الدولة في عهد التشطير للمواطنيين كدعم وسائل الحياة والمعيشة مثل التعليم والصحة والمواصلات والمواد الغذائية ... وغيرها , وحدثت فوضى عارمة في صرف أراضي الدولة دون أن يستفيد الفقراء منها وهو الأمر الذي أدى إلى تضرر الآلآف من الفقراء من أبناء الجنوب والذي تولد لديهم مفهوم أن الوحدة سبباً في معاناتهم ، وبرغم التحولات الكبيرة التي حدثت في الجنوب بعد الوحدة في مختلف المجالات إلا أن تفشي الفساد بكافة مظاهرة قد أفسد الحياة العامة للسكان وزاد من معاناتهم .
لقد مثلت الوحدة ولادة مشروع وطني جديد وتحول عظيم لطي كل صفحات الصراع القديم على صعيد كل شطر أو بين الشطرين سابقاً لكن جاءت التطورات والأحداث على خلاف ذلك بإستمرار الصراع ولجوء الأطراف السياسية إلى العنف والإغتيالات والتآمرعلى بعضها البعض فنشبت الأزمة بين الأطراف وتم ترحيلها بإجراء انتخابات برلمانية عام 1993م , كانت من نتائجها وصول التجمع اليمني للإصلاح إلى المرتبة الثانية والذي شارك في الإئتلاف الحكومي إلى جانب المؤتمر الشعبي العام والحزب الإشتراكي ونتج عن ذلك إصطفافات أسهمت في زعزعة الثقة بين الأطراف السياسية وخاصة بين شريكي الوحدة (المؤتمر الشعبي العام والحزب الإشتراكي اليمني) وتفجرت حرب 94م , كنتاج لتصفية حسابات وصراعات سابقة وغذتها عوامل إقليمية ودولية ولهذا فشلت محاولة فرض الإنفصال بالقوة كما فشلت في مراحل سابقة فرض الوحدة بالقوة العسكرية ,
وبرهنت
معطيات الواقع أن الحوار هو الطريقة المثلى لمعالجة أي خلاف وحل أي صراع
وتتحمل الأحزاب في الحكم حينها المسئولية عن هذه الحرب (المؤتمر الشعبي
العام – التجمع اليمني للإصلاح – الحزب الإشتراكي اليمني ) وقد الحقت أضرار
بكثير من الجنوبيين وحتى الشماليين المقيمين في الجنوب وخاصة من أعضاء
الجبهة الوطنية وغدى من الضرورة أن تقدم تلك الأحزاب الثلاثة إعتذارها
للشعب اليمني ،
كما يجب أن تعتذر أيضاً كافة الأحزاب السياسية التي كانت
قائمة في ذلك الوقت لأنها أسهمت وشاركت بهذا الشكل أو ذاك في هذة الحرب
التي كان لها أثر نفسي مؤلم وفرضتها معطيات صراعية على السلطة كأمر واقع
وأستغلت نتائجها من قبل بعض القوى التي كان لها موقف معارض تجاة الوحدة ,
وفي هذه الحرب استحضرت دورات الصراع السابقة وأستخدمت فيها الأطراف
السياسية القوات المسلحة في تصفية حساباتها نتيجة فشل شريكي الوحدة في
توحيد الجيش وكان من نتائج الحرب قيام بعض المتنفذين وتجار الحرب بنهب
الممتلكات العامة والخاصة وبالذات في عدن والإستيلاء على ماتبقى من أراضي
الدولة والمؤسسات العامة ومقرات الأحزاب وعلى سبيل المثال مقر الجبهة
الوطنية الديمقراطية بدار سعد تم إقتحامة وإحتلالة من قبل التجمع اليمني
للإصلاح وحتى الأن لم يعاد للجبهة .
وتم فصل وإقصاء وتشريد الآلآف من الجنوبيين مدنيين وعسكريين , وقطع رواتبهم منهم المئات من أعضاء الجبهة الوطنية المقيمين في عدن والضالع لحج .
كما شكل فقدان المواطن في الجنوب بعض من الإمتيازات التي كان يتمتع بها قبل الوحدة نكسة في حياته العامة والمعيشية ، إضافة إلى بروز سلبيات كثيرة جديدة مثل التفريط بالقطاع العام
والتعاوني وكذا زيادة نسب البطالة وإرتفاع أسعار المواد بصورة مستمرة وضعف الخدمات إلى أدنى حد لها مثل الكهرباء والمياة والمواصلات والصحة والتعليم إلى جانب إنتشار الفساد بكل أنواعة وتغير النمط الإجتماعي كتسويق القات يومياً للمدن وإنتشار السلاح والمتاجرة به وإرتفاع غلاء المهور وكذا الرشوة والمحسوبية والوساطة والبناء العشوائي وتزايد الهجرة الداخلية للمدن وفي مقدمتها مدينة عدن .... وغيرها من السلبيات التي دللت على ضعف الدولة والنظام وحملت المواطن أعباء ثقيلة فوق طاقته إلى درجة أن تولد لديه فهم بأن سبب معاناته هو الوحدة التي كانت أمله الوحيد في تحقيق طموحاته وتحسين وضعه وقد أستغلت المعاناة من قبل القوى المعادية للوحدة شمالاً وجنوباً ودول مجاورة لإضعاف قوة الإيمان بالوحدة لدى الفئات الفقيرة في المجتمع .
إن المآسي والمعاناة الناجمة عن إجراءات مابعد الوحدة بالإضافة إلى نتائج وآثار وإفرازات حرب 94م قد ولدت إحتقانات في الشارع الجنوبي نتج عنها تشكل فصائل سياسية جديدة بأسم الحراك الجنوبي بدأت بطرح مطالب حقوقية ثم تطورت إلى سياسية ، نتمنى أن يتحول الحراك الجنوبي إلى حركة وطنية لليمن ككل .
ومما ضاعف التعقيدات في المشهد السياسيي الوطني بعد حرب 94م هو ممارسة الإقصاء لكوادر جنوبية أعضاء في الحزب الإشتراكي وغيره وإستبدالها بكوادر جنوبية تنتمي للمؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح .
وعلى ضوء ماسبق فإننا نقدم بعض العلامات والإستنتاجات الهامة التي طبعت بها القضية الجنوبية على النحو الأتي :
- يتلخص مضمون وجوهر القضية الجنوبية في مجموع الإنتهاكات والمظالم التي مورست في المحافظات الجنوبية قبل الوحدة وبعدها من قبل أطراف الصراع والمتنفذين في الحكومات المتعاقبة .
- إن نشاط القوى الجهادية التي عادت من أفغانستان بعد الوحدة وإستهدافها كوادر في الحزب الإشتراكي وكذلك صدور فتاوى تكفيرية ضد أبناء الجنوب أسهمت في تأزيم العلاقة بين شريكي الوحدة .
- بيع وتخصيص مؤسسات القطاع العام والتعاوني والإستيلاء على الأراضي والعقارات التابعة للدولة بطرق غير شرعية من قبل متنفذين وأخرون بأسم الإستثمار بعد حرب 94م أعطى ردود أفعال سلبية لدى المواطن في الجنوب والشمال تجاة النظام والدولة ، وكذا أعطى مؤشر واضح عن إستمرار طغيان الفساد والفوضى .
- تمكنت القوى المتضررة والمتخوفة من الوحدة أن توسع من تأثيرها ونفوذها في السلطة بعد حرب 94م على حساب إنهاء شراكة الحزب الإشتراكي اليمني في السلطة وإقصاء وفصل المئات من كوادره وأعضائه .
- إن عدم تحقيق مصالحة وطنية جنوبية – جنوبية ، وشمالية – جنوبية بعد الوحدة مباشرة أسهم في إستمرار تفاقم الصراعات على السلطة والنزعة إلى الثأر والإنتقام والإنفراد بإتخاذ القرار بين الأطراف السياسية المختلفة وشكل ذلك أحد عوامل تفجير حرب 94م .
- شكلت نتائج الحرب نكسة لوحدة النسيج الإجتماعي بعد تسريح الآلآف من الجنوبيين عسكريين ومدنيين من وظائفهم وأعمالهم وفشل الدولة في مساعيها لمعالجة آثار حرب 94م .
وأخيراً لاشك أن القضية الجنوبية متشعبة بأسبابها وتفاصيلها وماتم تقديمه هو عرض مختصر لما استحضر لدينا عنها وكلنا ثقة أن كل الرؤى سوف تتكامل في تكوين رؤية موضوعية ووطنية شاملة عن القضية وجذورها ، وأن فريق القضية الجنوبية لقادر على إستخلاص الدروس والعبر ووضع المعالجات العادلة في ضوء مرجعيات الحوار المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن الدولي رقم 2014 ، 2051 .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق