تراجع دور الدولة منذ قيام الوحدة في تقديم الخدمات العامة وانسحابها من واجباتها تجاه المواطنين في الجنوب على خلاف ما كان قد تعودوا عليه وألفوه لاسيما في فترة الحكم الاشتراكي من الحضور المكثف للدولة في حياتهم متمثلا في فرض هيبتها، وبسط نفوذها، وتطبيق قوانينها وتقديم خدماتها ، فقد كانت الدولة في الجنوب هي الكافل الاساسي لخلق فرص العمل عبر القطاع العام، وهي التي تتكفل بتوفير احتياجات الناس الأساسية وتحديد اسعارها بصورة تتناسب مع دخولهم، الامر آلذي اثر سلبا علي مجمل حياة المواطنين فى الجنوب وضاعف من الاثار الكارثية التي انتهجتها السلطة للسياسة منذ ما بعد الحرب.
نظرة النظام السابق إلى الانتصار العسكري في 7/7/1994 م م، كمنجز أخير لاكتمال التاريخ أو نهايته، وذهبت به الظنون مذاهب مشبعة بالأوهام، فحسب أنه بتخلصه من شريك دولة الوحدة الحزب (الاشتراكي اليمني) لم يعد بحاجه لخلق أي نوع من الشراكة في صناعة القرار مع ابناء الجنوب، وأنه منذئذ غير مضطر لأي شراكة مع أي طرف كان جنوبيا أو شماليا، واعتبر إقصاء شريك الوحدة من السلطة ليس إلا الخطوة الأولى على طريق التخلص من بقية القوى السياسية الفاعلة في الساحة اليمنية، واتجه بالتالي إلى تضييق مساحة المعارضة السياسية، وسد أي أفق للتغيير السلمي الديمقراطي عبر انتخابات حرة ونزيهة، وتكريس سلطة استبدادية قمعية جهوية وعائلية، وإن تلفعت بالرداء الديمقراطي المزيف وأكثرت من الحديث عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
كانت المحافظات الجنوبية الساحة الكبيرة لتلك السياسة المدمرة وضحيتها الكبرى، دون أي تقليل من آثار تلك السياسة التي امتدت لتشمل أفقيا كافة مناطق اليمن ورأسيا كل المجالات والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
آن الحديث عن القضية الجنوبية باعتبارها محتوى قضية سياسية طنيه وحقوقية عادلة يقودنا ألي الإعتراف بان بعضا من مظاهر المعاناة والإشكالات التي هى من صميم المحتوى للقضية الجنوبية تعود بداياتها ألي فترة قيام دوله الإستقلال فى الجنوب ومآ تلاها والتي اتسم اداؤها كنظيرتها الشمالية بالشمولية والاقصاء، وعدم الإعتراف بالآخر وبحقة فى الاختلاف، وما نتج عن ذلك من دورات عنف وقمع المعارضين، الى جانب اعتمادها سياسات وقرارات نالت من حقوق المواطنين وممتلكاتهم مثل تأميم المساكن والشركات والمصانع والمعامل، كما أقصت من الوظيفة في السلكين المدني والعسكري الالاف من أبناء الجنوب ونزح الكثير منهم الى الخارج تاركين كل شيء وراءهم، من المهم التأكيد عن هذا في حديثنا عن المحتوى لما سيترتب ذلك من اثر عن وضع المعالجات والحلول.
إن الثورة الشبابية التي توجت بالانتخابات الرئاسية التوافقية وبقرارات الهيكلة للجيش والأمن قد أحدثت تعديلا كبيرا في موازين الحياة السياسية لصالح الشعب، ومطلوب من السلطة الانتقالية التوافقية أن تسارع بتنفيذ مطالب التهيئة لحل القضية الجنوبية حلا عادلا يرضي أبناء الجنوب وكل أبناء الشعب اليمني.
أولا: البعد السياسي
تقويض الشراكة الوطنية وتكريس الاستئثار بالسلطة، والثروة، اخراج الشريك الجنوبي من الشراكة الفعلية في الحكم وصناعة القرار على المستوى السياسي، وإقصاء الكوادر الجنوبية من مراكز القيادية في مجال المالية العامة وجباية الموارد كالجمارك والضرائب والبنوك ومن مواقع القياد الأمنية والعسكرية وقيادات الوحدات الخاصة، والاكتفاء بوضع رموز جنوبية في الواجهة لتجميل النظام، حيث الجميع شماليين أو جنوبيين مجرد موظفين، وكل شركاء الحياة السياسية ليسوا إلا مجرد كروت يتم استخدامها ثم الرمي بها، والتخلص منها كنفاية مؤذية.
إصرار السلطة على رفض معالجة آثار وجراحات حرب 1994 ولتقديم مشروع سياسي وطني يأخذ بعين الاعتبار تصفية آثار الحرب، ومعالجة جروحها والسير بالبلاد قدما نحو تنفيذ مضامين الاتفاقيات الوحدوية، وبخاصة ما يتصل منها بالاتجاهات المتعلقة ببناء دولة القانون، القائمة على مؤسسات وطنية قوية، وعلى رعاية حقوق المواطنة المتساوية، وتحويل المشروع الوحدوي الديمقراطي إلى مصدر لإنتاج مصالح جديدة للمواطنين بمختلف فئاتهم وشرائحهم، وكذا انتهاج سياسات فعالة لتعزيز وشائج الإخاء الوطني، وإجراء عملية تأهيل واسعة لليمن الموحد والكبير تساعده على تحقيق الاندماج الوطني والاجتماعي بصورة موضوعية.
الانتقاص من المعالم المجسدة لشراكة الجنوبيين في دولة الوحدة كجزء رئيسي من شراكتهم الوطنية وإهمال التراث السياسي، والإداري الجنوبي الذي كان ينبغي أن ينظر إليه باعتباره جزءا من الموروث الوطني اليمني ومن الخبرات المتراكمة التي اكتسبها اليمنيون في سياق تجاربهم التاريخية ولم تكن عملية مصادرة المتحف الوطني في ردفان سوى مظهر من مظاهر طغيان المشروع العائلي وغرور الاستعلاء ومحاولة لطمس ومصادرة التراث الثقافي والتاريخ النضالي للجنوب.
ممارسة المركزية المتخلفة وتعطيل الدور الحيوي للسلطة المحلية وأجهزتها، وتحويلها إلى أجهزة صورية ومناصب شرفية، لكسب الولاءات وشراء الذمم، وإجهاض خطوات ومطالب الحكم المحلي، وتشويه معناه، حيث جرى تحت شعاره ممارسة أسوأ أشكال المركزية، التي لا تنسجم حتى مع مفاهيم الإدارة المحلية بأدنى مراتبها .
إنشاء سلطة فعلية موازية في كل محافظة جنوبية خلافا لسلطة المحافظ المحلية المعروفة حيث تتكون هذه السلطة من عسكريين وأمنيين اخرين من ذوي النفوذ ترتبط هذه السلطه الموازيه مباشرة بالرئاسة تنقل اليها التقارير والاخبار والمعلومات وهي التي تتحكم في التعيينات وفي الانتخابات وتستولي على القدر الأكبر من المغانم وهي وحدها التي تستطيع ان تحسم الخلافات على الأراضي والعقارات وقد التف حول هذه القيادة الموازية مجاميع من المنتفعين والمتسلقين وكتبة التقارير وغيرهم من عديمي الضمير والذمة
بروز ظاهرة الفساد المالي التي لم يسبق والإداري لأبناء الجنوب ميسور عرفوها بالصورة التي شاهدوها واكتووا بنارها منذ ما بعد الحرب بسبب طبيعة النظام الاداري السابق وصرامة الاجراءات الرقابية فى القطاع الحكومي الامر آلذي جعل لاستفحال ظاهرة الفساد بعد قيام دوله الوحدة اثار سلبية كبيره عليهم
ثانيا: البعد الاقتصادي
الفساد وسوء الادارة
لقد كان لإشاعة ثقافة الفساد المالي والإداري التي لم تكن تعرفها المحافظات الجنوبية نظرا لطبيعة النظام الإداري الصارم الذي يجرم هذا المسلك ويعاقب عليه والثقافة العامة التي تستهجن مثل تلك السلوكيات هذا المسلك، ولقد ظهرت ملامح هذا الفساد جلية في اتساع نطاق الرشوة، وتعميم الفساد في كل مفاصل وأعمال الخدمات الحكومية المدنية والأمنية والعسكرية حتى وصلت الى المحاكم ودخول عادات غربية بصورة لم يعهدها ولم يألفها أبناء الجنوب، مثل: أجرة الطقم، والدفع مقابل الحصول على نسخة من حكم المحكمة - أو انجاز أي معاملة - أو استخرج ترخيص - تحت مسمى حق النزول أو حق بن هادي [1]، غير أن أخطر مظاهر ذلك الفساد هي تلك التي طالت أهم القطاعات الاقتصادية التي تميزت بها المحافظات الجنوبية، وشكلت أهم مقوماتها، فيما يلي سنشير ألي أبرزها:
قطاع النفط
شهد هذا القطاع فساد منقطع النظير اضر بأهم الموارد الحيوية في البلاد ويمكن ايجاز أهم مظاهر هذا الفساد في الاتي:
توزيع الامتيازات النفطية علي مراكز والقوى الحاكمة والمتنفذين وكان ذلك يتم بتوجيهات عليا تمنح بموجبها القطاعات النفطية لسماسرة متنفذين لتسويقها ألي الشركات العالميه ويتحصلون من وراء ذلك علي حصه فى الشراكة معها، أضافة ألي ملايين الدولارات التي يحصلون عليها اثناء إتمام التوقيع علي الاتفاقيات مضت هذه، وكل ذلك يتم من دون فتح باب التنافس على هذه القطاعات وفقا لما يوجبه القانون.
إنشاء شركات في قطاع الخدمات النفطية مملوكة لبعض كبار المسؤولين المتنفذين حيث يتم وبتوجيهات عليا التعاقد معها من الباطن بعقود احتكارية، ولقد كان لهذه الشركات أثر كبير في المبالغة في تقدير نفط الكلفة الذي أصبح يستهلك أكثر من ثلث كمية النفط المنتجة، وهي كلفة عالية تدل على حجم الفساد في القطاع النفطي ومستوى العبث بمواد الدولة لصالح جيوب المتنفذين والشركات التابعة لهم.
السطو على الثروة النفطية، وبمختلف الأساليب والمسميات، وبتوجيهات عليا، ومن ذلك مثلا ما حصل في القطاع (53) بمحافظة حضرموت من بيع لجزء من حصة الدولة لمدة عشرين عاما مقابل اموال حصل عليها بعض المتنفذين، وقد تدخل مجلس النواب وأوقف هذه المهزلة أو قل إن شئت هذه الكارثة.
فرض اتاوات على الشركات العاملة في القطاع النفطي لبعض القيادات العسكرية تحت ذريعة قيام المعسكرات والالوية التابع لهم بواجب الحماية الامنية لهذه الشركات
ضآلة المخصصات المالية التي تحصل عليها المحافظات المنتجة للنفط بهدف تنمية المجتمع المحلي، وتعتبر هذه المبالغ زهيدة جدا مقارنة بما تتعرض له تلك المحافظات من الأضرار والمشاكل البيئية الناجمة عن العمليات النفطية مثل إعادة حقن كميات المياه المصاحبة لاستخراج النفط وما يترتب على ذلك من تلويث للمخزون المائي في ظل تواطؤ السلطات وعدم الزامها للشركات النفطية بتطبيق الشروط البيئية المنصوص عليها في الاتفاقات المبرمة معها.
المنطقة الحرة "عدن" لقد كان لعبقرية المكان الأثر الأكبر في محورية ميناء عدن عبر التاريخ في خط الملاحة الدولية حيث كان المركز الرئيسي لحركة التجارة في الجزيرة العربية والقرن الافريقي بل وإلى أبعد مدى من ذلك، وظل يلعب هذا الدور حتى خروج المستعمر، حيث وقعت هذه الجوهرة بيد فحامين، سوءا في فترة ما قبل الوحدة أو ما بعدها، وعندما تم في عام 1993 م إعلان عدن منطقة حرة استبشر الناس خيرا وظنوا أن ميناء عدن سيستعيد دوره، وسيكون بما يملكه من مقومات من اهم الموارد الاقتصادية التي يمكن ان تساهم بانتشال ليس عدن فحسب وإنما البلاد كلها من وهدة الفقر، ولكن الفساد كان حاضرا وبالمرصاد لوأد ومحاصرة أي أمل أو حلم جميل، حيث قامت سلطة ما بعد حرب 1994 م بالخطوات التالية: غياب الارادة الصادقة في تطوير وتشغيل المنطقة الحرة وميناء الحاويات، حيث تم سليم ادارة المنطقة الحرة لقيادات فاسدة عبثت بمواردها، وتاجرت بأراضيها، وصرفتها لمستثمرين وهميين. إبرام اتفاق امتياز مع شركة (يمنسفت) بصورة مجحفة بالوطن مما اضطر الحكومة تحت ضغط مجلس النواب إلى التخلص من ذلك الاتفاق بتسوية كلفت الدولة دفع حوالي 200 مليون دولار، وقد ظن البعض أن هذا الذي جرى ربما كان غلطة أو سقطة غير مقصودة ولكن ما حصل بعدها أكد النية المبيتة والسير المتعمد والممنهج لإفشال ميناء عدن. في 1 نوفمبر 2008 م وعبر صفقة مشبوهة تم تسليم ميناء الحاويات لشركة موانئ دبي بعد ان كان البرلمان قد رفض الاتفاقية معها لأنها قامت على شروط باطلة ومجحفة، فصدرت توجيهات رئاسية بسحب الاتفاقية من البرلمان، وإقامة شراكة مع شركة موانئ دبي دون الحاجه الى المرور عبر بوابة البرلمان في صفقة فساد تحصل فيها النافذون على اموال طائلة، ومنذ استلمت الشركة الميناء أخلت بالتزاماتها في العقد ومارست تحت سمع السلطات وبصرها سياسات تدميرية أدت إلى انسحاب أهم الخطوط الملاحية، وعلى مدى عقدين من الزمان كان الركود هو المسيطر، حتى قامت حكومة الوفاق الوطني مشكورة بإنهاء الاتفاقية بالتراض كلف الدولة دفع مبلغ 35 مليون دولار. الثروة السمكية يصل طول الشريط الساحلي في اليمن الممتد على البحرين الأحمر والعربي إلى ما يقرب من (2500) كم يقع معظمه في المحافظات الجنوبية، وفي حين انه يبلغ طول سواحل سلطنة عمان (1700 بتوقيت) كم فإن عائدات تصدير الاسماك في اليمن يساوي ثلث عائدات سلطنة عمان ويرجع ذلك إلى الفساد المستشري وسوء الإدارة ولأسباب عديدة أخرى أهمها منح تراخيص لشركات اصطياد مملوكة في الغالب لمتنفذين أو محمية من قبلهم مقابل إتاوات تدفع لهم، وتمارس تلك الشركات عملية الاصطياد دونما رقيب أو حسيب وتستخدم أساليب صيد محرمه دوليا وإضافة كما تقوم ب:
الاصطياد بطرق تضر بالبيئة البحرية كاستخدام أساليب التجريف والتفجير، والاصطياد في مواسم التبييض التي يمنع فيها اصطياد أصناف معينة من الاسماك حفاظا على هذه الثرة من النضوب.
أخذ الثروة مباشرة من البحر الى الخارج دون ان يتم إدخالها الى البلاد لتجهيزها واعدادها من خلال منشئات تعد لهذا الغرض لخلق قيمة مضافة تعود على الاقتصاد اليمني بمزيد من الموارد وتفشل الايدي العاملة.
الأضرار بالصيد التقليدي جراء عدم الالتزام بالصيد في عمق المياه الاقليمية، والاقتراب من شواطئ الساحل الذي يعد منطقة للصيد التقليدي مما أدى إلى تراجع مهنة الصيد التقليدي التي يعتمد عليها عدد كبير من ابناء المناطق الساحلية وفي مقدمتهم أبناء المحافظات الجنوبية.
اعطاء تراخيص لشركات اصطياد من وراها نافذين وبشكل مجحف لهذه الثروة الهامه وتدمير الثروة السمكية بسبب الاصطياد العشوائي واستخدام التفجيرات فى عملية الاصطياد وتلويث البيئه برمي الاسماك الغير مجدية بعد اصطيادها وموتها.
قضايا الأراضي والعقارات
المعالجة الغير جادة والغير كافية للآثار الناجمة عن أصدار قوانين الاصلاح الزراعى التي أفضت ألي مصادرة أراضي ومنشآت وممتلكات خاصه لمواطنين، فالبعض من ذوي المقدرة وممن لهم علاقة بذوي النفوذ تمكنوا من الحصول على حقهم، أما الضعفاء من الملاك الذين لا يملكون القوة والنفوذ غير قادرين على استعادة أملاكهم او الحصول على التعويض العادل.
عدم صدور القوانين واللازمة والضرورية لمعالجة الاثار الناجمة عن اصدار عدد من القوانين ووالقرارات الجمهورية بعد الإستقلال والتي أثرت بشكل كبير علي مستوي معيشه السكان وعلى النشاط الإقتصادي فى الجنوب لعدة سنوات ولاحقة، وقصور ونقص ما صدر من قوانين أو قرارات، في حال الملف كانت الأغراض السياسية والأهواء من وراء صدورها، ولم تقدم معالجة جذرية للمشكلة:
عشية إعلان الوحدة صدر القانون رقم 18 لعام 1990 م بشأن التمليك والذي ترتب عليه تمليك المساكن المنتفع بها للمواطنين الراغبين في ذلك، ولم ينفذ منه سوى الشق الخاص بعملية التمليك شبة المجانية لكل المساكن المؤممة ولم يعطى الملاك أي تعويض لا أرض ولا نقد بموجب دستور دولة الوحدة الذي يقضي بحرمة الأملاك الخاصة.
في 12 سبتمبر 1991 م صدر قرار مجلس الرئاسة بشأن الاتجاهات العامة للمعالجة الشاملة لقضايا الإسكان، وبإعادة الممتلكات العقارية التجارية والتعويض عن العقارات السكنية، فباستثناء ما حصل من تنفيذ جزئي يتعلق بالمحلات التجارية في مدينة عدن، فإن الملاك وبصورة عامة بعد كل هذه السنوات لم يستعيدوا ممتلكاتهم ولم ينالوا أي تعويض يذكر حتى الآن، بالرغم من تشكيل اللجان التي حصرت الملاك وحددت التعويضات، الا انه وعلى مدى الأعوام الماضية كلها لم تنفذ مقترحات تلك اللجان لسبب بسيط هو أنه كلما خصصت أراضي للتعويضات يتم الاستيلاء والسطو عليها أو تخصيصها للغير بأوامر أو إيعازات عليا، أو من نافذين وتحولت وبكل أسف مسألة معالجة قضايا الأراضي والتأميمات إلى وسيلة بيد المتنفذين وكبار الفاسدين للسطو على المحلات والشقق والعمارات والفلل بدلا من إعادتها لملاكها كما نص القرار [2]
الاستيلاء على الحدائق العامة، ومصادرة المتنفسات والمنتجعات السياحية، وصرفها لنافذين وأقرباء ومقربين، ومنها مثلا:
ساحل ابين.
شاطئ البريقة والغدير والشاطئ الازرق في مديرية البريقة.
كرنيش صيرة ..
الساحل الذهبي.
مصادرة ونهب اراضي الأوقاف وخاصة في محافظتي لحج وعدن.
السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي في المواقع المهمة والتجارية تحت مسميات سكنية أو تجارية ومشاريع وهمية استثمارية لكبار المسؤولين ومقربيهم، ومن ذلكم توزيع الأراضي الزراعية وشبه الزراعية واراضي البور المحيطة بعدن والتي كانت قد أممت وصودرت بقانون الإصلاح الزراعي وأصبحت أراضي للدولة تم توزيعها على مجاميع متنفذة وقيادات مقربين وقيادات ومحاسيب، والرمي بالملاك وبالمنتفعين إلى المجهول، وأضحت أراضي الجنوب وخاصة في محافظة عدن مرتعا للهدايا والهبات والترضيات والتعويضات لكل من يراد شراؤه أو استمالته أو اسكاته ومعظمها صرف بالمجان بتعليمات مباشرة من رئيس الجمهورية السابق بينما معظمهم أبناء الجنوب لا يجدون ملجأ يؤون به أولادهم الذين يرغبون في الزواج ويعيشون في البيوت القديمة او الشقق المؤممة في أوضاع إنسانية مزرية لا يجدون فيها ملجأ ومتسع لتزويج أولادهم، ومما يثير العجب ذلك التنسيق الحاصل بين مصلحة أراضي وعقارات الدولة ووزارة الاشغال والتخطيط الحضري لإعداد المخططات الجديدة تحت مختلف المسميات وشق الطرق الجديدة لتلك المخططات كل ذلك بهدف تمكين المحسوبين أو النافذين الذين وزعت عليهم الأراضي من بيعها بأثمان باهظة.
تصفية القطاع العام
خصخصة مؤسسات القطاع العام من خلال عملية نهب واسعة كان المتنفذون هم المستفيد الوحيد منها، ففي 26 أكتوبر 1990 م صدر القانون (45) بشأن الخصخصة، حاملا في طياته حالة من الضبابية وعدم الوضوح، وترك الكثير من الثغرات التي نفذ منها الفاسدون لنهب وتصفية شركات ومؤسسات ومنشئات القطاع العام فى الجنوب وطرد الموظفين والعاملين فيها وقذفهم ألي سوق البطالة بدون حقوق، وبدون تعويض، وبدون أي ضمانات، (فالقانون أشار في المادة 26 وبصورة ضبابية الا أنه سيتم إعادة تأهيلهم أو إشراكهم في الترتيبات الملكية المنشاة بموجب سياسات صندوق العمل الفائضة دون أي تحديد واضح لطبيعة سياسية صندوق العمل الفائضة وموارده المالية ودون أي ضمانات لحصول العمال على حقوقهم خلال فترة زمنية محددة ودون أي ضمانات للاستخدام الأمثل لعوائد الخصخصة ولهذا لقد تحفظ التجمع اليمني للإصلاح على القانون) ، ولم يكن الموظفون العاملون في تلك المؤسسات هم المظلوم الوحيد في تلك القضية فقد شاركهم في مظلمتهم الملاك الأصليون (حيث أن بعض تلك المؤسسات والشركات كانت ملكا خاصا تم تأميمه قبل الوحدة، وبعضها كان قانون التأميم ينص على تعويض الملاك بعد عشرين عاما من تاريخ التأميم) [3].
لقد طال التدمير للقطاع العام تحت ذريعة الاصلاح الإقتصادي معظم المؤسسات الإقتصادية الناجحة فى الجنوب [4] وتحويل معدات بعضها لصالح المؤسسة الإقتصادية وتسريح عمالها ومنها عل سبيل المثال لا الحصر:
المؤسسة العامة للأقمشة شركة التجارة الداخلية
شركة التجارة الخارجية
المؤسسة الوطنية للأدوية
المؤسسة العامة للخضار والفواكه
المؤسسة الوطنية للحوم
شركة الملاحة الوطنية
شركة النصر للتجارة الحرة
المؤسسة العامة للنقل البري
مصنع البطاريات السائلة.
مطاحن الغلال.
مصنع البسكويت.
مصنع الآلات الزراعية.
مؤسسة 14 اكتوبر للتوزيع.
المؤسسة الوطنية للدواجن.
المؤسسة المحلية للبناء مصنع المشروبات الغازية.
مصنع الالمنيوم. مصنع الالبان.
مصنع الغاز.
شركة النفظ للتجارة الحرة الشركة الوطنية للاسفنج والاثاث
و .... الشركة الوطنية للصناعات المطاطية
شركة الطلاء والاملشن
مؤسسة الاصطياد الساحلي المؤسسة العامة لصناعة الغزل والنسيج
الشركة الوطنية لصناعة الالمنيوم
الشركة الوطنية للمنتجات الجديدة
مؤسسة عدن لصناعة المشروبات شركة الملاحة الوطنية
المؤسسة العامة للنقل البري.
شركة خطوط اليمن البحرية
ثالثا: البعد الحقوقي والقانوني
آلاف المبعدين من العسكريين والمدنيين ورجال الما والأعمال والنشطاء السياسيين والقيادات المجتمعية الذين تم قبل الوحدة إقصاؤهم وإبعادهم وتهجيرهم إلى الشمال أو إلى خارج الوطن.
التسريح أو الإحالة إلى التقاعد قسريا، لعشرات الآلاف من العسكريين العاملين في القوات المسلحة والامن العام والامن السياسي وبعضهم في تخصصات عالية (طيارين ومهندسين ... إلخ) وخاصة خلال الفترة من 98 م الى 2000 م تقريبا.
تسريح آلاف الموظفين من الكوادر الجنوبية المؤهلة في السلك المدني والدبلوماسي، وفى مختلف منشئات القطاع العام ومؤسسات.
الاعتقالات والملاحقات والمطاردات للناشطين السياسيين وناشطي الحراك السلمي في الجنوب، و قطع مرتبات البعض منهم بصوره تعسفية، واعتماد نهج القوة والعنف وإطلاق الرصاص الحي في مواجهة كل أشكال النضال والفعاليات المطلبية والاحتجاجية السلمية.
مصادرة الحقوق والحريات العامة، وفي المقدمة منها حق التعبير وخنق الصحافة الحرة والتضييق عليها وملاحقة الصحفيين والنشطاء السياسيين، وتعريضهم للاعتقالات والحبس، والمحاكمات.
الانتهاك الصارخ للحريات الصحفية وممارسة أقصى العقوبات والثأر والانتقام بحق اكبر مؤسسة صحفية في عدن وهي مؤسسة الأيام للصحافة والنشر حتى وصل الامر الى إيقاف صدورها بصورة نهائية في مطلع يناير 2010 م ومحاصرة مبنى المؤسسة والصحيفة ومنازل ناشريها ومن ثم الاعتداء المسلح والقصف الشديد بمختلف أنواع الأسلحة وانتهى الامر باعتقال الأستاذ هشام محمد على باشراحيل (تغمده الله بواسع رحمته) وأنجاله بعد أن تم تدمير إمكانيات المؤسسة المادية والمعنوية
مصادرة حرية واستقلالية منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية واتحاداتها، وكل نقابات، ومنظمات وتشكيلات المجتمع المدني، المهنية، والإبداعية، والاتحادات الطلابية، والجمعيات التعاونية، الزراعية، والسمكية ..... الخ، والعمل على إخضاعها لمحاولات الهيمنة والاحتواء، أو الشق والتفريخ، أو التعطيل والتجميد، وتعريضها لصنوف من الضغوطات والتعسفات التي تهدد حياديتها واستقلاليتها في أدائها لمهامها والدفاع عن حقوق منتسبيها.
تسييس الوظيفة العامة في مختلف مفاصلها حتى و صلت إلى الوظائف الفنية كمدراء المدارس ومدراء المستشفيات وغيرها من الوظائف الفنية، حيث يتم إقصاء كل من لم ينخرط في تأييد النظام السابق.
مضايقة العاملين في مهنة الصيد التقليدي من البسطاء في رزقهم بإصدار تراخيص لقوارب صيد محلية باسم بعض المتنفذين وجلب سفن مصرية وصينية تعمل تحت حماية المتنفذين ولصالحهم.
ختاما / الإخوة والأخوات أعضاء فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني:
كنا نأمل أن نتمكن من عرض رؤيتنا في التجمع اليمني للإصلاح حول محتوى القضية الجنوبية مشفوعة بأرقام وإحصاءات دقيقة إلا أن الحصول على ذلك في بلادنا لازال صعب المنال، ولهذا اكتفينا بتلك الإشارات التي نرى أنها إن شاء الله وبالتكامل مع بقية الرؤى ستضع أيدينا على حقيقة ومحتوى القضية الجنوبية ، نشكركم علي حسن استماعكم ونطمع بعفوكم وصفحكم عن اي خطا اقتراحات للقصور.
وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صنعاء 12 – 5 – 2013م
[1] لمزيد من التفصيل يرجع إلى كتاب رؤية للوصل إلى اتفاق جمعي ...... للمهندس خالد عبد الواحد محمد نعمان
[2] انظر كتاب رؤية للوصل إلى اتفاق جمعي ...... للمهندس خالد عبد الواحد محمد نعمان
[3] انظر كتاب رؤية للوصل إلى اتفاق جمعي ...... للمهندس خالد عبد الواحد محمد نعمان
[4]لم يسلم الشمال من عملية التدمير تم تدمير المؤسسة العامة للنفل البري ومصنع الغزل والنسيج وغيرهما
اسئلة للنقاش حول رؤية الإصلاح لمحتوى القضية الجنوبية
س1: لطلاب السنة الرابعة:
- كيف يمكنك تليخص رؤية الإصلاح حول القضية الجنوبية؟
- لو افترضنا جدلا ان الوحدة اليمنية لم تقم، هل تعتقدين او تعتقدون انه كان سيظهر شيىء إسمه القضية الجنوبية؟
- هل تعتقد ان السياسات التي حملها الإصلاح مسئولية ظهور القضية الجنوبية ما زالت موجودة حتى اليوم؟ وكيف يرى الإصلاح من خلال المبادرة معالجتها؟
س2: لطلاب السنة الأولى:
- ينتقد الإصلاح السيطرة على منظمات المجتمع المدني، وتسييس الوظيفة العامة، فهل برأيك ان الإصلاح يحاول ذلك في سلوكه السياسي؟ وما هي من وجهة نظرك اهم منظمات المجتمع المدني التابعة للإصلاح؟
- تتحدث الرؤية عن خصخصة مؤسسات القطاع العام؟ فما المقصود بـ"خصخصة" و "القطاع العام" وهل تؤيد سياسة الخصخصة أم تعارضها؟
- تتحدث الرؤية عن بعض مظاهر الفساد السياسي في قطاع النفط؟ فما هي بعض تلك المظاهر؟
- كيف يمكن من وجهة نظرك تهيئة الأجواء لحل القضية الجنوبية؟
ايش الفرق بين الرؤية الخاصة بجذر القضية الجنوبية ورؤية محتو القضية الجنوبية؟
ردحذفعبد الله الفقيه ... قبل بدء الرسالة احرص على كتابة اسمك اذا كنت طالب لأغراض التقييم وبالنسبة للفرق يمكنك ان تنظر للرؤية بشأن الجذور على انها تركز على الأسباب بينما المضمون يركز على الجوانب المختلفة واتفق معك على ان هناك تداخل بين الجانبين
حذفربما يمكن تلخيص رؤية الاصلاح للقضية الجنوبية بانهم قد نظروا اليها قبل كل شئ من جانب تاريخي ، بمعنى انها موجودة في ظل الحكم الشمولي السابق للوحدة ، وبعد ان تمت الوحدة حدث الخلل خلال سنة 94م بعد الحرب حيث ان المشكلة لها ابعاد متعددة منها سياسية والتي يتمثل بعضها في استئثار النظام السياسي بالحكم وتهميش الكوادر والقيادات الجنوبية ، وتسييس الحياة العامة بجميع جوانبها بالاضافة الى المركزية الشديدة وغير ذلك من الابعاد السياسية ، بالاضافة الى وجود ابعاد اقتصادية كان اهمها استفحال الفساد واغلاق الكثير من الشركات التي كانت توفر مصادر دخل لابناء الجنوب ، وبالتالي حرمانهم من الاعمال التي كانوا يعملون بها وغير ذلك ، بالاضافة الى وجود ابعاد حقوقية وقانوية يتمثل بعضها في اقصاء الجنوبيين من وظائفهم المدنية والدبلوماسية والعسكرية وحرمانهم من ممارسة حرياتهم وحقوقهم الفكرية والصحفية وتضييق الخناق على المنظمات والاتحادات وغيرها ،
ردحذفاذ يمكن النظر الى رؤية الاصلاح بانها تركز على ان السبب الجوهري لتفاقم المشكلة هو النظام الحاكم الذي حكم اليمن طيلة اعوام الوحدة وهو الذي اوجد تلك الابعاد والازمات وتبعاتها .
وفيما يتعلق بالسؤال الثاني في ما يخص الافتراض بانه اذا لم تقم الوحدة اليمنية هل كان سيظهر ما يسمى بالقضية الجنوبية ، اعتقد بان ذلك كان سيظهر ولمن ليس بنفس الصيغة والشكل والجوانب نفسها وذلك لوجود نظام شمولي يحكم عدن سابقا ، ولم يكن سيظهر بالشكل الحالي لاني ارى بان هناك من يسعى الى ايجاد هذه القضية بشكل مضخم واعطائها وزن كبير ، لكي يجعلها ذريعة للانفصال ، تحقيقا لمصالح واجندة شخصية وخارجية .
اما عن السياسات التي تحدث عنها الاصلاح وما اذا كانت موجودة الى اليوم ، فالبعض منها ما يزال موجود والبعض لم يعد موجود والمثل على ذلك ان رئيس الدولة ورئيس الوزراء ونصف الحكومة هم من الجنوب ولا يوجد استئثار للسلطة ، اما بعض الجوانب الاخرى فلا زالت موجودة ،
ويبدو ان الحل في رؤية الاصلاح للقضية هو معالجة اسباب نشوبها ، فلابد ان يحدث شراكة في السلطة واعادة المبعدين قسريا من وظائفهم ....الخ
ولكن لا يوجد او يذكر صراحة شئ في هذا السياق عن الحل الذي يراه الاصلاح مناسبا.
وشكرا