2013/05/20

رؤية الحوثيين (انصار الله) لهوية الدولة

سنحاول في هذه الورقة ألا نغرق في التفصيلات أو نخوض في التاريخ حتى لا نبتعد عن المقصود من الورقة وهو تحليل بنية الدولة القائمة والقادمة في مجال الهوية.
وتتحدد الهوية للدولة إما على أساس ديني أو على أساس مدني، فإذا ما تم تبنى الأساس الديني للهوية فلابد أن يعكس هذا في النصوص الدستورية المتعلقة بهذا المجال والعكس صحيح.


وبالرجوع إلى دستور الجمهورية اليمنية المعدل في عام 1994م يتبين أنه قد حدد هوية الدولة في المواد (1، 2، 3) على النحو التالي:


المادة(1) الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية ذات سيادة، وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي حزء منها، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية.


المادة(2) الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية.
المادة(3) الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات.
ومن المواد الثلاث السابقة تبرز الهوية الدينية للدولة من حيث أن:
أولاً: الدولة دينها هو الإسلام.
ثانياً: الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات.
وبتحليل العنصرين السابقين يتبين أنه يتطلب لإعمالها ما يأتي:
1 - بناء الدولة وسلطاتها على أساس الإسلام.
2 - خضوع جميع التشريعات التي تصدر من الهيئات ذات الاختصاص بالتشريع بما في ذلك الدستور نفسه؛ باعتباره أعلى التشريعات مرتبة للشريعة الإسلامية.
بيد أن واقع الحال وبتحليل بقية مواد الدستور تقول غير ذلك، فلا الدولة بنيت على أساس الإسلام، ولا جميع التشريعات خضعت للشريعة الإسلامية وخصوصاً التشريع الدستوري، ويمكننا القول: إن الدولة بنيت على أساس حكم المادة (4) من الدستور التي تنص على أن: (الشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة، كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة) وعلى حكم المادة (5) التي تنص على أن يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية؛ وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً ،وعلى حكم المادة (6) التي تنص على أن (تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة).
آية ذلك المواد الثلاث الأخيرة هي التي تم الاعتماد عليها في وضع البناء القانوني للدولة وفقاً للأنظمة الوضعية المعاصرة، وبالتالي تم القفز على أحكام الشريعة الإسلامية في فقهها السياسي كلية، وأصبحت مضامين المواد الثلاث الأولى ذات العلاقة بهوية الدولة ميتة، ذلك أن الفقه السياسي الإسلامي يبني الدولة على نمط آخر وهذا النمط مفصل ومبسوط في كتب الفقه السياسي لجميع المذاهب.
ونذكر على سبيل المثال: كتب الأحكام السلطانية والولايات الدينية الماوردي في الفقه الشافعي، وتحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام لابن جماعة في الفقه الحنبلي، وهذان الكتابان من الكتب المتخصصة في هذا الباب، وهناك من المطولات الفقهية ماتناولت هذا الجانب مثل الروضة للنووي، والمغني لابن قدامة وغيرهما، وفي هذه الكتب بيان الأدلة الشرعية التي تم الاستناد عليها ومنها الكتاب والسنة والإجماع.
ويبدو أن القوى السياسية التي اشتركت في تعديل دستور الجمهورية اليمنية عام 94م والقوى السياسية الأخرى لا ترغب في إعمال أحكام الفقه السياسي بمذاهبه المختلفة وفقاً لما هو مبسوط في كتب الفقه الإسلامي المعتبرة ومالت إلى بناء الدولة على أساس النظريات الديمقراطية، ونحن لسنا ضد هذا التوجه ولكننا ضد أن يشتمل الدستور على أحكام توضع لغرض من الزينة فقط كما هو شأن أحكام المواد الثلاث الأولى في دستور الجمهورية اليمنية ومن ثم فإن رؤيتنا هي:
1 - إذا هناك رغبة في الإبقاء على مضامين المواد الثلاث الأولى في الدستور الحالي المتعلقة بالهوية السياسية فإنه يجب إعادة النظر في المواد الثلاث الأخرى من (4 - 6) بما يتوافق مع أحكام الشريعة، ويجب أيضاً أن يعاد النظر في الأحكام الدستورية المتعلقة بسلطات الدولة الثلاث في هذا الاتجاه.
2 - إذا كان هناك رغبة في بناء الدولة على أساس المواد الثلاث الأخرى وفقاً للنظريات الديمقراطية المعاصرة فيجب إعادة النظر في مضامين المواد الثلاث الأولى.
3 - نرى أن الدولة هي شخص معنوي والشخص المعنوي ليس له دين، فالدين هو للأشخاص الطبيعيين الذي يتكون منهم الشعب، ومن ثم فإن الدين للشعب والدين الإسلامي يقوم على مذاهب متعددة، ومن ثم فإنه يجب النص على هوية الشعب الإسلامية بما يكفل الاعتبار لجميع المذاهب الإسلامية وعلى وجه الخصوص المذاهب المتواجدة في اليمن.
4 - تفريعاً على ما تقدم يجب النص على التزام الدولة باحترام هوية الشعب فيما يصدر عنها من تشريعات وتصرفات وخلافه.
5 - ولما كانت لغة الشعب هي اللغة العربية فضلاً عن أنها لغة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فيجب النص عليها باعتبارها اللغة الرسمية لسلطات الدولة.
6 - حيث إنه توجد في اليمن مجموعة غير إسلامية وهي قليلة جداً فإنه يجب النص في الدستور على أن تكفل الدولة حقوقهم الدينية وفقاً لدياناتهم.
7 - تجدر الإشارة إلى مايلي:
أ – في العام 1991م أصدر علماء الزيدية فتوى اجتهادية قرروا فيها أن الولاية العامة فضلاً عن الولاية الأخرى في الدولة حق لجميع أفراد الشعب دون تمييز، ومن ثم فلم تعد محصورة في فئة أو شريحة، ونحن على هذه الفتوى حتى الآن.
ب – في العام 1992م دعا علماء الزيدية في بيان لهم الشعب إلى الاستفتاء على دستور الوحدة بنعم، ما يعني تأييد بناء الدولة على أساس مدني وفقاً لمضامين الدستور المستفتي عليه، ونحن مانزال على ذلك الموقف حتى الآن.. والله الموفق.
أنصار الله
إعداد /
الدكتور / أحمد شرف الدين

للنقاش:

س1: تحدث الحوثيون (انصار الله) في رؤيتهم باسم الزيدية؟ هل تتفق معهم في ذلك؟

س2: دعا انصار الله الى الغاء المادة 3 من الدستور الحالي والتي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر جميع التشريعات ودعوا الى اقامة دولة مدنية، كيف تفسر هذه الخطوة؟ 


س3: لماذا تم تقديم هذه الرؤية باسم شخص من وجهة نظرك؟

هناك 7 تعليقات:

  1. فيما يخص تحدثهم باسم الزيدية فهذا لا اساس له من الصحة ، فالحوثيون ينتمون الى الشيعية الامامية ، والبعض يصفهم بالرافضة .
    وفيما يتعلق بدعوتهم لالغاء المادة الثالثة فهذا دليل على رغبتهم بان يكون اسيادهم هم مصدر التشريعات بما يتفق مع مذهبهم المبني على رؤية اسيادهم ، ولا يرون ان في الشريعة الاسلامية مصلحة لهم .
    وفيما يتعلق بالدولة المدنية فهذا يمكن تفسيره بانها تمشي مع التيار الثوري الذي دعا الى الدولة المدنية هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى يمكن تفسيرة بانه معاكسة للاخوان المسلمين (حزب الاصلاح) والسلفيين الذي لايبدو انهم سيقبلون بدولة مدنية .
    وفيما يتعلق بتقديم هذه الرؤية باسم شخص فهذا يعتبر من احتياطات المستقبل ، بمعنى اذا كانت هذه الخطوة لم تحقق مكاسب للحوثيين ، فانهم سيعودون ليطالبوا مطالب جديدة على اساس ان الرؤية السابقة لم تكن بتوافق واجماع ومقدمة من الجماعة ككل ، وانما كانت رؤية شخصية لاحد اعضائها ، وكذلك لكي تستطيع ان تخارج نفسها اذا ما وجدت انتقادات لاذعة سواء من انصارها او من غيرهم .
    وشكرا

    ردحذف
    الردود
    1. في طرحك بعض التحامل على الحوثيين رغم ان هناك نقاط جيدة..

      حذف
  2. س4:لماذا حدد الحوثيون حتى الان؟

    ردحذف
    الردود
    1. السؤال غير واضح؟

      حذف
  3. عبدالجليل الحقب
    اعتقد ان الدافع الاساس للحوثيين يتمثل في محاولة تجريد السلطة من طابعها المذهبي الذي لايتفق مع مذهبهم كسبيل وحيد للحفاظ على هويتهم المغايرة لمذهب الفئة المسيطرة على الحكم واعتقد انه مهما كانت الدوافع خاصة بمصالح الحوثيين الا ان النتيجة ستخدم اليمنيين ككل طالما ان اليمنيين هم بحاجة لمن يخلصهم من سطوة التفسير الاحادي الذي لايقل استبدادية من اعتقاد الحكم خاصا بفئة معينه

    ردحذف
  4. ابراهيم طاهر عبد المفني
    اعتقد بأن الحوثيون يتحدثون باسم الزيدية لغرض الحصول على تأييد هذه الفئة - حيث ان الحوثية امتداد للشيعة الاثنى عشرية الايرانية - لكي تكسب بعض من التأييد الشغبي , ويلاحض محاولة كسبهم للتأييد الشعبي من خلال شعارهم .
    اما بالنسبة لدعوتهم الى الغاء المادة 3 من الدستور الحالي والتي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر جميع التشريعات ودعوتهم الى اقامة دولة مدنية, فهذا يعود الى محاولة ايجاد دولة تكفلهم وتكفل حريتهم , فاليمن دولة ذات اغلبية سنية و الحوثيون شيعة و هناك اختلاف كبير فيما بينهم باليديولوجية لذلك من الافضل لهم ان لا تكون التشريعات اسلامية هي مصدر جميع التشريعات , لذلك الافضل لهم لحماية حريتهم هي الدولة المدنية .
    و اعتقد ان تقديم الرؤية هذه من قبل شخص وليس الجماعة تكمن في محاولة قياس نبض الرأي العام و كيف سيكون ردة فعله , فأذا كان الرد سلبي بالنسبة لهم فسينسحبون بسهوله بحجة انه لا يمثل الجماعة .

    ردحذف
  5. المحامي عبدالرب المرتضىصنعاء10 يوليو 2013 في 6:23 م

    الاسئله والردود غير موضوعيه في حين ان الرؤيه موضوعيه ويفترض لمن له تعليق يناقشها نقاش نوضوعي اما لماذا ذيت باسم شخص فذلك احترام للحق الفكري لكنها قدمت باسم انصار الله وانما قيل اعداد الدكتور احمد شرف الدين واخيرا لا اخفي اسفي على مستوى التفكير وعقم المنطق في نخبه تدعي الثقافه

    ردحذف