2013/06/08

رؤية التجمع اليمني للإصلاح للحكم الرشيد


مع تعاظم التحديات والمخاطر التي باتت تواجهها اليمن في العقود الأخيرة، تبلورت رؤىٰ التجمع اليمني للإصلاح مع شركائه السياسيين حول إصلاح الأوضاع العامة في البلاد، ومع أن قدراً كبيراً من تلك الرؤىٰ اتجه إلى إصلاح القضايا الكلية المرتبطة ببنية وتركيبة النظام السياسي - باعتبارها العامل الأساس في بروز وتفاقم تلك التحديات - إلا أنها تضمنت اهتماماً مبكراً ومتصاعداً بأسس ومبادئ الحكم الرشيد.

وتمثل التحولات التي أحدثتها الثورة الشبابية الشعبية السلمية، وانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل فرصة تاريخية لاستكمال بناء وتطوير الرؤىٰ السياسية المتصلة بإعادة تأسيس الدولة اليمنية الحديثة، وإصلاح الأوضاع العامة، وبناء النظام السياسي وترشيد أداء أجهزته ومؤسساته.

وحيث أن الحكم الرشيد يصعب بناؤه دون توفر بيئة سياسية ونظامية ومجتمعية مساندة، فإننا سنستهلُّ هذه الرؤية بعرض مصفوفة المتطلبات اللازمة لتشييد نظام الحكم في اليمن على قواعد وأسس الحكم الرشيد : ــ

أولا: متطلبات أساسية لتطبيق نظام الحكم الرشيد : ــ

1- إعادة بناء النظام السياسي ليقوم على المؤسسات ذات الاختصاصات والصلاحيات الواضحة، والفصل بين السلطات [ التنفيذية والتشريعية والقضائية ] والتحديد الواضح للعلاقة فيما بينها، بما يمنع تغوّل سلطة على أخرىٰ، ويحول دون احتكار أو إساءة استخدام السلطة من قبل أي شخص أو فئة أو هيئة من الهيئات.

2 - إعادة التوازن في العلاقة بين الدولة والمجتمع، والعمل على تفعيل وتكامل دور المجتمع مع سلطة وأجهزة الدولة، وتوفير الآليات التي تمكنها من تطبيق مبادئ الحكم الرشيد.

3 - تبني نظام اللامركزية الذي يتناسب مع ظروف المجتمع اليمني، ويُجسّـد أسس وقواعد الحكم الرشيد، ويحقق غاياته.

4 - إعادة النظر في بنية ووظيفة الجهاز الإداري للدولة، وتحديد غاياته، وتهيئته للقيام بدوره في تنفيذ السياسات العامة للدولة بفاعلية أكبر وكلفة أقل.

5 - وضع القواعد والأسس التي تحول دون نشوء الأزمات والصراعات السياسية التي تُعتبَر عامل إرباك متجدد يعيق الدولة عن القيام بواجباتها، ويحد من مشاركة المجتمع والقطاع الخاص في البناء والتنمية الشاملة.

6 - تبني مشروع وطني للنهوض بالدولة والمجتمع، تشارك في صياغته القوى السياسية والمجتمعية، ويتكامل في تنفيذه جهاز الدولة الإداري والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.

7 - تأسيس مبادئ و آليات الحكم الرشيد على المرجعية الإسلامية لضمان المساندة الفردية، والتفاعل المجتمعي الكامل.

8 - استقلال القضاء، وتمكينه من القيام بدوره في تطبيق القانون والفصل في الخصومات، وحماية الحقوق والحريات بعيداً عن تأثير ذوي النفوذ في السلطة والمجتمع.

9 - توظيف وسائل التنشئة العامة ( التربية الأسرية - مؤسسات التعليم - المؤسسات الشبابية - وسائل الإعلام والثقافة - وسائل التوجيه والإرشاد...إلخ ) لخلق ثقافة وقيم تؤكد وشائج الإخاء والتكامل بين اليمنيين، وتعلي مبدأ التعايش والقبول بالآخر في إطار الوطن الواحد، وتعزز ثقافة احترام القانون والدستور، والحفاظ على المال والممتلكات والمرافق العامة.

10 - تحييد المؤسسة العسكرية والأمنية عن العمل السياسي، وعدم السماح بأي هيمنة خاصة عليها، وتوجيه طاقاتها لحماية الوطن وسيادته واستقلاله، وتوفير الأمن والاستقرار للمواطنين.

11 - تسخير وسائل القوة ومصادر الثروة لصالح الشعب، والحد من انتشار السلاح، وعدم السماح بامتلاك الأسلحة الثقيلة إلا للدولة، والتعامل مع جميع المواطنين دون تمييز أو محاباة.

12 - إصدار قانون ينظم الانتقال السلمي للسلطة، ويحدد المناصب التي تخضع للتداول، وتلك التي تخضع للكفاءة والمنافسة، والحيلولة دون تأبيد وتوريث المواقع القيادية، ومنع تعدد الوظائف والمسؤوليات للفرد الواحد.

13 - تطبيق العدالة في اعتماد وتنفيذ مشروعات التنمية، وتجريم استخدام المال العام في العمل السياسي، وعدم السماح بالتعامل الانتقائي مع المناطق والجهات.

14 - تعميق ثقافة الانتماء للوطن والحرص على مقدراته، وإحياء قيم التسامح والتصالح في المجتمع، ومحاربة الدعوات التي تمجد العصبية أو تدعو إليها.

15- وضع القواعد التي تضمن تكافؤ الفرص بين المواطنين في الاستثمار والعمل والاستفادة من الثروة.

ثانيا: آليات الحكم الرشيــــد : ــ

(1) سيادة القانون والتوازن بين السلطة والمسؤوليــة : ــ

أ - النص الدستوري على التزام القيادات العليا للدولة بتطبيق الدستور والقانون، والخضوع لأحكامه، واعتبار أي تصرف منها خارج الدستور والقانون تحت طائلة المساءلة ولا مشروعية له.

ب - اعتبار التوازن بين السلطة والمسؤولية قاعدة دستورية حاكمة لتحديد السلطات والاختصاصات في الوظيفة العامة، والتأكيد على أن من يتولّىٰ السلطة لا بد أن يتحمل المسؤولية، كما إنه لا مسؤولية بدون سلطات وصلاحيات واضحة ومحددة.

جـ - منع التطبيق الانتقائي أو الجزئي للقانون، وتجريم التراخي أو التحايل في تنفيذه ومحاولة اختراقه.

د - فرض سلطة القانون في كل أجهزة الدولة، وعلى كامل أراضي الجمهورية.

هـ - النص الدستوري الصريح على عدم منح قيادات الدولة العليا - في السلطات الثلاث - أية حصانات لتصرفاتهم تجاه المال العام والوظيفة العامة وإمكانات الدولة وحقوق المواطنين.

(2) تطبيق المساءلة والمحاسبة والشفافية : ــ

أ - النص الدستوري على إلزام جميع قيادات الدولة العليا بتقديم براءة الذمة المالية - وبصورة علنية - قبل مباشرتهم لوظائفهم وعند تركهم لأعمالهم، مع خضوعهم للمساءلة والمحاسبة في فترة توليهم تلك الوظائف.

ب - ضمان حق المواطنين، ومنظمات المجتمع المدني، والصحافة في الحصول على المعلومات، واستخدامها، والقيام بدورهم في الرقابة، وتعزيز جوانب الشفافية في السياسات الحكومية والإجراءات الإدارية وخاصة ما يتعلق بالقضايا المالية لتمكين المواطنين والأحزاب والجهات المعنية من القيام بدورهم في عملية الرقابة والمحاسبة.

جـ - اعتماد مبدأ الشفافية في الموازنة العامة للدولة، وفي المناقصات والمزايدات وإقرار المشروعات.

د - حضر منح الحصانات - وعلى كافة المستويات - التي تحول دون تطبيق العدالة والمساءلة على الجميع.

(3) محاربــــة الفســــــــــاد:

أ - التطبيق الصارم للقانون في التعامل مع قضايا الفساد، وخاصة تلك التي تمارس من قبل كبار المسؤولين وذوي النفوذ، وتفعيل دور أجهزة الرقابة الإدارية والضبط القضائي في حماية المال والممتلكات العامة.

ب - تفعيل الدور الرقابي للسلطة التشريعية في مراقبة أجهزة الدولة المختلفة، وإحالة من يثبت ممارسته للفساد إلى النيابات والمحاكم المختصة.

جـ - تفعيل دور وسائل الإرشاد والتوجيه والإعلام والثقافة في إحياء القيم الإسلامية، وتفعيل دور الوازع الإيماني والوطني في استهجان الفساد ومحاربته والحد منه.

د - ربط الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالسلطة التشريعية، وتفعيل دوره في الرقابة على الأداء المالي والإداري والمؤسسي لمختلف وحدات الجهازين العام والمختلط، وعدم استثناء وظائف السلطة العليا من الرقابة عليها ونشر التقارير المتعلقة بمخالفاتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق